كيف تضع يدك على احتياجاته الحقيقية وتكسب ثقته الدائمة؟
١. مقدمة

حين تخطّط لتطوير مدرستك أو إطلاق حملة تسجيل جديدة، فإن أول ما يخطر في بالك قد يكون: إضافة برنامج STEM، أو اعتماد منهج دولي، أو شراء أدوات الواقع المعزّز. لكن… هل هذا فعلًا ما يريده ولي الأمر؟ كثير من المدارس تخطئ حين تُقرر ما “يجب” أن يقدَّم، دون أن تسأل نفسها: “ما الذي يبحث عنه ولي الأمر؟ ما الذي يحتاجه فعلًا؟”هذه التدوينة تسعى للإجابة عن هذا السؤال، وتقدم لك خطوات عملية لفهم أولياء الأمور بعمق، لا بسطحية.
٢. أولياء الأمور لا يشبهون بعضهم

من المهم أن ندرك أن أولياء الأمور ليسوا نسخة واحدة. منهم من يطلب الأكاديميا، ومنهم من يبحث عن التربية، ومنهم من يريد راحة البال، ومنهم من يخاف من البيئة غير الآمنة، ومنهم من يُقدّر المدرسة التي تتعامل بلطف مع الطفل.لكن مع هذا التنوع، توجد خيوط مشتركة بين معظمهم. دعنا نستعرضها.
٣. أولًا: المدرسة الآمنة

- ولي الأمر يريد مدرسة يشعر أنها ستحمي ابنه نفسيًا قبل أن تحميه جسديًا.
- لا يريد أن يعود طفله محبطًا، أو باكيًا، أو مرعوبًا من المعلمة.
- يريد أن يتأكد أن في المدرسة نظامًا واضحًا لمنع التنمّر، وآلية إنصات فعالة لأي شكوى.
مثال:
إحدى المدارس في مسقط خصصت غرفة صغيرة أسمتها “غرفة الشعور”، فيها بطاقات تعبيرية، وسجل يومي لتفريغ مشاعر الطفل. كل يوم، يستطيع الطفل أن يضع بطاقة توضح شعوره، والمعلمة تتابع الحالات. النتيجة؟ زيادة واضحة في ثقة الأطفال بالمعلمات، وانخفاض حاد في شكاوى العنف اللفظي.
٤. ثانيًا: التواصل الواضح

- ولي الأمر لا يطيق أن يبقى في الظلام.
- يريد أن يعرف: ما الذي تعلمه طفله؟ ما الواجب؟ ماذا سيحدث الأسبوع المقبل؟ هل ابنه بخير؟
- يقدّر المدرسة التي تبعث رسائل أسبوعية، وتنشر خطة الحصص، وترد على استفساراته خلال ساعات قليلة.
مثال:
- مدرسة ابتدائية في الداخلية اعتمدت إرسال خطة الأسبوع كل خميس في صورة واحدة ملونة عبر الواتساب.
- ولي الأمر يفتح الصورة، فيجد أمامه: جدول الحصص، الأهداف، المهام، ملاحظات التغذية والأنشطة.
- قال أكثر من ولي أمر في الاستبيان السنوي: “أشعر أنني قريب من ابني، وأستطيع أن أتابعه دون إرباك”.
٥. ثالثًا: المدرسة التي لا تُثقله

- ولي الأمر يريد أن تساعده المدرسة، لا أن ترهقه بالواجبات الطويلة والطلبات المرهقة.
- يريد أن تعينه على تربية ابنه، لا أن تُشعره بالتقصير.
- يريد دعمًا واقعيًا: كلمات لطيفة، ورقة ملاحظات صادقة، لا مجرد نقد أو تقييم سلبي.
مثال:
- إحدى الروضات في صحار قررت إلغاء الواجبات المكتوبة تمامًا، واكتفت ببطاقة مهارة أسبوعية ترسل للمنزل:
- “هذا الأسبوع: ساعد ابنك في العد حتى الرقم ٥ – راقب إن كان يتذكر القصة التي قُرئت عليه – شجّعه على ترتيب ألعابه.”
- نتج عن هذا القرار تحسّن في رضا الأسر، وزيادة التفاعل، دون ضغط على الطفل أو ولي أمره.
٦. لا تبدأ بالحل قبل أن تسأل
قبل أن تطرح أي برنامج جديد، أو تستحدث خدمة جديدة، أو ترفع رسومك… اسأل أولياء الأمور الحاليين.
سؤال بسيط يُحدِث فرقًا كبيرًا:“ما أكثر ما تحبونه في المدرسة؟ وما أكثر ما تتمنونه؟” اجمع الإجابات، وراقب الكلمات المتكررة.
غالبًا ستجد:
- نحب التعامل الراقي
- نحب أن ابننا أصبح اجتماعيًا
- نحب الهدوء والتنظيم
- نتمنى مزيدًا من التواصل
- نحب أن الطفل سعيد
هل لاحظت؟ لم يذكر أحد “التحصيل فقط”.
٧. احتياجات لا تُكتب في الإعلانات

هناك احتياجات لا يقولها ولي الأمر صراحة… لكنها واضحة بين السطور:
- يريد معلمة تُحب الطفل فعلًا، لا تُؤدّي عملها فقط.
- يريد أن يشعر أن ابنه ليس رقمًا في صف، بل شخص له اسم وصوت.
- يريد أن تُصدّق المدرسة كلمته إذا أخبرهم أن ابنه يمرّ بمرحلة صعبة.
- يريد أن يثق أن الإدارة لن تتهاون إن تعرّض طفله للأذى.
- يريد أن يشعر أن طفله يتعلّم، لكنه لا يفقد الطفولة في زحمة المناهج.
- اجعل الراحة هدفًا، الراحة النفسية ليست ترفًا. بل هي رأس المال الحقيقي لعلاقة طويلة الأمد مع ولي الأمر.
حين يشعر ولي الأمر أنك تهتم، وتستمع، وتتجاوب، فإنه يصبح سفيرًا لك، ويدافع عن مدرستك، ويُحضر غيره من الأسر.
٩. اجعل الحوار جزءًا من النظام

ليست كل الإجابات تأتي من استبيان. افتح قنوات الحوار الدائمة:
- – استضافة دورية لأولياء الأمور للنقاش المفتوح.
- – جلسات غير رسمية على فنجان قهوة في بداية كل فصل.
- – صندوق اقتراحات فعّال يُقرأ ويُردّ عليه.
- – لقاءات إلكترونية قصيرة تُشعرهم بالمتابعة.
١٠. خاتمة
إذا عرفت ماذا يريد ولي الأمر حقًا، وقدّمت له ذلك بلطف وصدق، فإنه لن يُفكّر في تغيير المدرسة، بل سيُشجّع الآخرين على الانضمام. لا تبدأ بإبهاره، بل ابدأ بتفهّمه، لا تزد عليه، بل خفّف عنه ولا تُبالغ في العروض، بل اجعل واقعك أجمل من إعلانك.
١١. سدرة هنا لترافقك

في سدرة، نرافق المدارس خطوة بخطوة لفهم جمهورها، وتطوير خدماتها التعليمية والتربوية بما يلائم حاجات ولي الأمر الواقعية، لا الافتراضية.نساعدك في بناء خطة تسويقية تبدأ من الداخل، وتنتهي بتجربة ولي أمر فخور.